تحت رعاية منظمة “اليونسكو”: بدء أعمال المؤتمر الدولي الثاني للحفاظ المعماري

تحت رعاية منظمة “اليونسكو”: بدء أعمال المؤتمر الدولي الثاني للحفاظ المعماري

 

بدأت في الجامعة الإسلامية بغزة أعمال المؤتمر الدولي الثاني للحفاظ المعماري المعنون: “نحو بناء علاقات التعاون والشراكة بين أوربا والعالم الإسلامي” الذي ينظمه مركز عمارة التراث “إيوان” بكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية برعاية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، وبدعم من وزارات الثقافة، والسياحة والآثار، والأوقاف والشئون الدينية، واتحاد المقاولين الفلسطينيين، وشركة خطيب وعلمي، ومركز الهندسة والتخطيط، وكما احتفل في الجامعة بافتتاح معرض التراث الفلسطيني الرابع الذي ينظمه مركز عمارة التراث “إيوان” بمشاركة من المركز الثقافي الفرنسي، وكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى، ووزارت السياحة والآثار، والأوقاف والشئون الدينية، ووزارة التربية والتعليم، واتحاد المقاولين الفلسطينيين، وشركة خطيب وعلمي، ومركز الهندسة والتخطيط، ونقابة المهندسين، ومعرض أرابيسك، ومساق عمارة فلسطينية بقسم الهندسة المعمارية، وقد انعقدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرى بمركز المؤتمرات بالجامعة الإسلامية بحضور الأستاذ محمد شمعة –نائب رئيس مجلس أمناء الجامعة، وأعضاء مجلس أمناء الجامعة، والأستاذ الدكتور محمد شبات –نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية، وأعضاء مجلس الجامعة، والأستاذ الدكتور شفيق جندية –عميد كلية الهندسة، والدكتور فريق القيق –نائب عميد كلية الهندسة، وعريف الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، والدكتور عبد الرحمن محمد –مدير مركز عمارة التراث “إيوان”، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، والأستاذ محمد العروقي –مدير مكتب منظمة اليونسكو في قطاع غزة، وجمع من الوزراء، وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وممثلو المؤسسات الأهلية والحكومية والخاصة في قطاع غزة، وجمع من المهندسين والمهتمين والباحثين في القطاع الهندسي، وأعضاء مجلس كلية الهندسة، وأعضاء الهيئتين الإدارية والأكاديمية في كلية الهندسة، وطلاب وطالبات الكلية.

الموروث المعماري الأصيل

وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، لفت الأستاذ شمعة إلى دور مركز عمارة التراث “إيوان”، في الحفاظ على الموروث المعماري الأصيل للشعب الفلسطيني، مؤكداً على سعي الجامعة الإسلامية وكلية الهندسة في تعزيز أسباب التقدم والرقي لتكون فلسطين في طليعة الأمم، وأوضح الأستاذ شمعة أن إحياء الكلية ليوم التراث العالمي في ظل ممارسات الاحتلال التي يتعرض لها القدس الشريف يدلل على اهتمام الجامعة بحضارة وثقافة وتراث الأمة الذي يشكل جزءاً هاماً من وجودها، وبين الأستاذ شمعة أن الأمة التي تحافظ على تراثها وموروثها الثقافي والحضاري والتاريخي إنما تحافظ على وجودها وتثبت أحقيتها بأرضها، وأثنى الأستاذ شمعة على دور مركز إيوان في الحفاظ على الموروث التاريخي للشعب الفلسطيني من خلال ترميم البيوت والأماكن الأثرية في البلدة القديمة.

طمس الهوية الفلسطينية

بدوره، عبر الأستاذ الدكتور شبات عن فخر الجامعة الإسلامية بكلية الهندسة بحصولها على الجوائز القيمة، ومشاركتها الفاعلة في إحياء المناسبات العالمية، واهتمامها بعقد علاقات التعاون المشتركة مع المؤسسات العالمية والعربية والمحلية، واعتبر الأستاذ الدكتور شبات إحياء كلية الهندسة ليوم التراث العالمي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من تدمير وتهويد للمقدمات الإسلامية إنما يعبر عن شعورها المتواصل بالمسئولية تجاه المحافظة على الموروث الثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني، ودعا الأستاذ الدكتور شبات منظمة اليونسكو لدعم المشاريع التي تساهم في حفظ الموروث الثقافي والمعماري للشعب الفلسطيني.

الشواهد التاريخية

من ناحيته، أوضح الأستاذ الدكتور جندية أن للحفاظ على التراث المعماري أوجه عديدة تتمثل في الحفاظ على اللغة والأرض والمقدسات والعادات والأدب الشعبي والعمران، وتحدث الأستاذ الدكتور جندية عن حجم الأعباء الملقاة على عاتق مركز عمارة التراث منذ نشأته في عام 2000 م، والمتمثلة في: الحفاظ على الموروث الثقافي المعماري، والارتقاء بواقع الشواهد التاريخية والمواقع التراثية والأثرية في فلسطين، وأشاد الأستاذ الدكتور بالجهود المبذولة من قبل القائمين على المركز في إعادة إنشائه بعد أن تم تدميره بالكامل في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، مثنياً على دور مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية في توفير الدعم اللازم لإعادة النشاط للمركز.

وذكر الأستاذ الدكتور جندية أن المؤتمر عقد بمشاركة أكثر من ثلاثين شخصية عربية وأجنبية ضمت باحثين وأساتذة ومختصين في المجالين العمراني والأثري من دول مختلفة، هي: فلسطين، والجزائر، والإمارات، وفرنسا، ورومانيا، وإيطاليا.

التراث العمراني والثقافي

من جانبه، أثنى الدكتور محمد على جهود منظمة اليونسكو في دعم المؤسسات المحلية إيماناً منها بالدور الفاعل لتلك المؤسسات في إحياء تراثها المعماري وحفظ موروثها الثقافي والتاريخي، ودعا الدكتور محمد المؤسسات المهتمة بالحفاظ على التراث العمراني والثقافي للشعوب إلى تحمل مسئولياتها تجاه ما يتعرض له الموروث الحضاري للمجتمع، ولفت الدكتور محمد إلى علاقات التواصل المستمرة للجامعة مع المؤسسات الحقوقية والأهلية والشركات الخاصة والأفراد من أجل الحفاظ على التراث المعماري، وأوضح الدكتور محمد أن المشاركات الدولية في المؤتمر تعزز من تقدير للجامعة الإسلامية في أداء دورها الريادي في إحياء يوم التراث العالمي.

التعمير والتنمية المستدامة

وبين الأستاذ العروقي أن إحياء الكلية ليوم التراث العالمي يرفع الحالة الفلسطينية من الإغاثة والطوارئ إلى البناء والتعمير والتنمية المستدامة، ولفت الأستاذ العروقي إلى حرص منظمة اليونسكو على دعم القطاع الأثري والمعماري في فلسطين خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من محاولات الاحتلال طمس الهوية وسلب المقدسات الإسلامية ، وتحدث الأستاذ العروقي عن إدراج المنظمة لثلاثة مواقع أثرية في قطاع غزة لتكون ضمن التراث المعماري الدولي في: مخيم الشاطئ، والمنطقة الوسطى، ومنطقة تل العجول، وعبر الأستاذ العروقي عن فخر المنظمة بالشراكة مع الجامعة الإسلامية، مبدياً استعداد المنظمة لاستمرار التواصل في المشاريع التي تخدم الطلبة في مجالات التدريب، وبناء القدرات في مجال التعليم عن بعد وتكنولوجيا المعلومات.

العمارة التقليدية في فلسطين

وبخصوص الجلسات العلمية للمؤتمر فقد انعقد خلال اليوم الأول على مدار جلستين علميتين، حيث ترأس الجلسة الأولى والخاصة بمحور العمارة التقليدية في فلسطين وتحديات الحفاظ المعماري الدكتور أحمد محيسن –عضو هيئة التدريس بقسم الهندسة المعمارية، وقدمت إلى الجلسة مجموعة من الأبحاث العلمية حيث تحدث الدكتور عدنان أبو دية –عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ والآثار، عن العناصر المعمارية وأصولها في مسجد قبة الصخرة، موضحاً أن العناصر المعمارية يقصد بها كل ما يمكن تمييزه كفن معماري مستقل، مثل: الأعمدة والأقواس والرواق المثمن، وشكل القبة، المخطط، الأبواب، الأرضية والجدران الخارجية، وإلى جانب فناء الصخرة الخارجي وما يحويه من بوائك تساهم في إيجاد التكاملية المعمارية للموقع، ولفت الدكتور أبو دية إلى أن مدرسة العمارة التي ينتمي إليها مبنى مسجد قبة الصخرة هي مدرسة معمارية شامية فلسطينية شرقية، ذات تقاليد عريقة وقديمة في المنطقة، وتناول الدكتور عبد الكريم محسن –عضو هيئة التدريس بقسم الهندسة المعمارية- صحن المسجد ودوره في إحياء العمارة التقليدية في المساجد المعاصرة، ولفت الدكتور محسن إلى وجوب مراعاة مجموعة من المعايير لرفع كفاءة الأداء الوظيفي للمساجد، ومنها: الأخذ بعين الاعتبار صحن المسجد المكشوف عند تصميم المساجد بهدف إعادة إحياء هذا العنصر المعماري الجميل والهام من عناصر العمارة العربية الإسلامية، واستعرض كل من الدكتور محمد الكحلوت -أستاذ التخطيط العمراني المشارك بكلية الهندسة، والمهندس أحمد المغاري –عضو هيئة التدريس بقسم الهندسة المعمارية دراسة تحليلية للتراث المعماري العثماني في فلسطين-مدينة عطا، وأشارا إلى أهم المنشات التاريخية في مدينة عكا والتي تعود إلى العهد العثماني، وهي: مسجد أحمد باشا الجزار، وخان العمدان، وسور عكا، والميناء القديم، ولفت كل من الدكتور عبد الرحمن محمد- مدير مركز إيوان، والمهندسة إنعام الطويل- من مكتب ستايل للاستشارات الهندسية- إلى دور المشاركة الشعبية في مشاريع الحفاظ العمراني ضمن مشروع إعمار البلدة القديمة في مدينة الخليل المباركة، وأوضحا أن أهم المجالات التي تبرز فيها الحاجة إلى الدور الفاعل للمجتمع يكمن في الحفاظ على التراث العمراني، وحفظ ذاكرة المجتمع، وصيانة شخصيته، وتدعيم أصالته، وربط حاضره ومستقبله بماضيه، وقدم معالي الدكتور يوسف المنسي- وزير الأشغال العامة والإسكان، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورقة عمل حول دور التراث المعماري في خطة إعمار غزة، وبين معالي الدكتور المنسي أن التراث المعماري والعمراني الفلسطيني على وجه الخصوص قد تعرض خلال العقود الأخيرة إلى خسارة كبيرة من قبل الاحتلال هدفها طمس الهوية التاريخية للشعب الفلسطيني.

تجارب الشراكة والتعاون بين أوروبا والعالم الإسلامي

وفيما يتعلق بالجلسة الثانية للمؤتمر والتي تناولت محور تجارب الشراكة والتعاون بين أوروبا والعالم الإسلامي في الحفاظ المعماري، فقد ترأسها الدكتور مصطفى الفرا –عضو هيئة التدريس بقسم الهندسة المعمارية، وتطرق كل من المهندس محمود البلعاوي –نائب رئيس مركز عمارة التراث “إيوان”، والأستاذة هيام البيطار –من وزارة السياحة والآثار بغزة إلى اتفاقيات شراكة السلطة الفلسطينية ودورها في تعزيز الحفاظ على التراث، وبينا أن اتفاقيات الشراكة تسلط الضوء على بروتوكولات التعاون الأوروبي الفلسطيني في مجال حفظ الآثار، بالإضافة إلى الجوانب العملية والتطبيقية وتبادل الخبرات الميدانية، ومحور التمويل والسبل التي تمت معالجتها.

وأشارت الدكتورة إليسا بالزو –أستاذة الهندسة وتخطيط المدن في جامعة فلورانس وجامعة بيزا- إلى التحولات المدنية في مركز بيت لحم التاريخي، وأوضحت التركيبة التاريخية لمنطقة بيت لحم وبقية المدن الفلسطينية.

وقدم كل من الدكتور عبد الرحمن محمد –مدير مركز إيوان، والسيدة كرستينا برونوزنيو –من إيطاليا- ورقة عمل تناولت نهج جديد لإحياء مراكز المدن التاريخية بغزة ونابلس، واستعرضا أهم الأمثلة التاريخية ذات الدلالة المتميزة على تطور الثقافات في العالم، وأوضح أن مهمة الحفاظ على المدن التاريخية ليست سهلة بل تعد تحدياً صعباً على أرض الواقع وهو ما يتطلب تكاتف الجهود من قبل الجهات المسئولة.