انعقدت في الجامعة الإسلامية بغزة أعمال المؤتمر العالمي الثالث للعمارة والفنون الإسلامية “عمارة المساجد”، والذي ينظمه مركز عمارة التراث “إيوان” بكلية الهندسة بالجامعة بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية، ويأتي المؤتمر ضمن فعاليات أسبوع التراث الفلسطيني الثاني “قرانا الفلسطينية.. حضارة وعمارة”، ومن المقرر أن تستمر أعمال المؤتمر يومي الأحد والاثنين الحادي والعشرين والثاني والعشرين من نيسان/ أبريل الجاري، وانعقدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية بحضور الأستاذ الدكتور شفيق جندية –عميد كلية الهندسة، رئيس أسبوع التراث الفلسطيني “قرانا الفلسطينية .. حضارة وعمارة”، والأستاذ الدكتور محمد زينهم –أستاذ ورئيس قسم الزجاج الأسبق في جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية، مقرر عام المؤتمر، والدكتور محمد الكحلوت –مدير مركز عمارة التراث “إيوان”، وممثلون عن الوزارات والبلديات والمؤسسات الخاصة والعامة المختصة بمجال الحفاظ على التراث المعماري، ولفيف من العاملين في القطاع الهندسي، وجمع من أعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية بكلية الهندسة، وحشد من طلبة كلية الهندسة.
الجلسة الافتتاحية
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكد الأستاذ الدكتور زينهم أن العصر الحديث يشهد تغيرات ثقافية وحضارية كثيرة على الباحثين من خلال شبكة المعلومات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي عبر شبكات الإنترنت، ولفت الأستاذ الدكتور زينهم أن الهدف الرئيس من عقد المؤتمر يضمن في الوقوف على التحديات التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية في سعيها لتأكيد هويتها الحضارية في ظل الالتباس والأفكار المتناقضة والإسقاطات المعادية له، وأوضح الأستاذ الدكتور زينهم أن عنوان المؤتمر جاء ليوثق ويؤكد فلسفة الفن الإسلامي وعمارته العالمية التي تتعايش مع القرون السابقة واللاحقة، ولإظهار قدرة الأمة الإسلامية في المجال العمراني وبناء المدن الحديثة في بلدان العالم الإسلامي، وبين الأستاذ الدكتور زينهم أن المحاور الرئيسة للمؤتمر تؤكد الضوابط الشرعية لعمارة المساجد، والأصول الفنية للحفاظ على المساجد وتعميرها وترميمها، مروراً بالعناصر التكميلية في عمارة المساجد، وأثنى الأستاذ الدكتور زينهم على جهود كلية الهندسة حرصها على عقد المؤتمر التي يتزامن مع الاحتفال بالقرى الفلسطينية، وإظهار فنونها وصناعتها التي تتفق مع العمارة في العالم الإسلامي، وخاصة عمارة القدس والمسجد الأقصى، وتابع الأستاذ الدكتور زينهم حديثه قائلاً: “ما نستهدفه من عقد هذا المؤتمر هو لم شمل الفنانين المعماريين والمصممين في العالم الإسلامي، تأكيداً على هذه المكانة وتضامناً مع ذلك الإبداع المبهر لهذه المقدسات التي ستظل دائماً وجهة الفنانين والمعماريين في كل زمان”.
الجلسة الأولى
وشهدت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، انعقاد جلستين علميتين، حيث ترأس الجلسة العلمية الأولى المنعقدة تحت عنوان: “دراسات معمارية للمساجد الأثرية” الأستاذ الدكتور محمد يوسف –من جمهورية مصر العربية، وقدم الدكتور عادل زيادة –عضو هيئة التدريس بكلية الآثار بجامعة القاهرة بجمهورية مصر العربية، ورقة عمل حول التراث المعماري الديني بتلمسان منذ عصر المرابطين ودوره في التواصل الحضاري بين شرف العالم الإسلامي وغربه ، وتناول دراسة العمائر الدينية الباقية بتلمسان منذ عصر المرابطين من الناحية المعمارية والفنية والحضارية، وإظهار التأثيرات المختلفة والعلاقة بينهما وبين نظرياتها بمدن المشرق الإسلامي مثل: القاهرة، ودمشق، وتوضيح مدى التواصل الحضاري بين هذه المدن في ضوء التبادل الفني والمعماري من خلال ما تبقى بها من عمائر دينية أثرية.
ووقف الأستاذ يحيى العبالي –طالب دكتوراه في الآثار الإسلامية بجامعة الحسن الثاني، على دور الوقفيات في بناء واستمرارية مساجد ظفير حجة باليمن –مسجد القفلة نموذجاً، وتحدث عن مسجد القفلة، موضحاً دور القفية في توسعته واستمراريته، وشارك الدكتور فهيم حجازي –أستاذ العمارة والآثار الإسلامية المساعد بكلية الآداب بجامعة سوهاج بمصر، بورقة عمل بعنوان: “أضواء جديدة على المساجد السلوجوقية في بلاد الأناضول”، وألقى الضوء على طرز المساجد السلوجوقية في الأناضول ومجاولة تصنيف هذه الطرز وعلاقة ذلك بالوظيفة الأساسية لهذه المساجد والظروف المناخية لبلاد الأناضول من جهة ومن جهة أخرى ربط ذلك بمواد البناء والإنشاء المتوفرة في بلاد الأناضول.
وتحدث الدكتور إبراهيم أبو طاحون –الأستاذ المساعد بقسم الآثار والحضارة بكلية الآداب بجامعة حلوان بمصر، عن جامع محمود بك السنجق بمدينة طرابلس الشام من العصر العثماني –دراسة أثرية معمارية، وأوضح أن الجامع يعد من أهم الجوامع العثمانية في مدينة طرابلس الشام، حيث لم يقم أحد من الباحثين بدراسة، ولم يضع له تخطيط معماري من قبل، ولم يرد ذكره أو الإشارة إليه في كتب التاريخ والآثار الخاصة بمدينة طرابلس، ووقف الأستاذ الدكتور علي سيف –أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء، على مسجد الجلاء بمدينة صنعاء 1680م –دراسة أثرية معمارية، وتناول العناصر المعمارية والزخرفية الأصيلة للمسجد، والمكونات الرئيسة للمسجد، وشارك كل من الدكتور الكحلوت –مدير مركز عمارة التراث “إيوان”، والمهندسة هيفاء الشرفا –من مركز عمارة التراث “إيوان”، بورقة عمل بعنوان: العمارة المملوكية للمساجد في غزة –مسجد بن عثمان كحالة دراسية، وأوضحا أهمية المسجد، وفلسفة عمارة المسجد في الإسلام بشكل عام، وفلسفة المماليك في عمارة المساجد بشكل خاص، وتناول الدكتور عبد الكريم محسن –الأستاذ المشارك بقسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، البعد الإنساني الوظيفي في المسجد بين الأصالة والمعاصرة، وتطرق إلى الدور الوظيفي للمسجد في الماضي بأبعاده الإنسانية المختلفة، ومقارنة ذلك بالبعد الوظيفي للمسجد المعاصر وصل هناك فروض هذا الأداء، واستعرض الدكتور نادر النمرة –نائب عميد كلية الهندسة، ورقة عمل بعنوان: “وحدة المضمون والتنوع في عمارة المساجد –حالة دراسية مساجد قطاع غزة”، وبين العناصر الأساسية المكونة للمسجد ومدلولاتها الرمزية، وتطور أشكال المساجد وأثرها على الوظيفة.
الجلسة الثانية
وفيما يتعلق بالجلسة العلمية الثانية للمؤتمر، فقد انعقدت تحت عنوان: “المواد والتقنيات المستخدمة في عمارة المساجد”، وترأس الجلسة الأستاذ الدكتور زينهم، وتحدث كل من الدكتور إبراهيم بدوي –المدير التنفيذي لشركة A3R للتجميل المعماري والترميم، والدكتورة رشا زينهم –مدرس بقسم الزجاج بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان بمصر، من الزجاج والخزف وكيفية تطويره والاستفادة منه في المساجد الإسلامية الحديثة، وأكدا الحاجة للتطوير والتجديد والإبداع في الاستفادة من الطرق التكنولوجيا المستخدمة في دمج الزجاج مع الخزف لإشباع رغبات المصممين في التنوع والابتكار، ووقف الدكتور ياسر بنداري –مدرس بقسم الزجاج بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان بمصر، على كفاءة القدرة الوظيفية للمنتجات الزجاجية كقيمة مضافة فاعلة داخل منظومة الخامات الحديثة لعمارة المساجد، واستعرض أهم القيم المضافة والتي تستطيع أن تلبيها القدرة الوظيفية للمنتجات الزجاجية بكفاءة فاعلة وداعمة لمنظومة خامات العمارة الحديثة، منها: التنوع اللوني وكيفية تفعيله في إظهار وتأكيد الطراز، وتطرق الأستاذ الدكتور حسام مطاوع –الأستاذ المساعد بقسم الزجاج بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان بمصر، على الأسس التكنولوجيا لاستخدام الزجاج النحتي المعاد تشكيله حرارياً في التكسيات الجدارية بعمارة المساجد، وأوضح الدكتور أسامة محمد –مدرس بقسم التصميم الصناعي بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان بمصر، دور التصميم الصناعي في تحقيق التوافق البيئي للمجسد المعاصر، وبين أن المسجد يعد بمثابة نموذجاً للفن المعماري بطرزه المختلفة على مر العصور.